أخبار السفاراتأخبار عالميةمقالات

عشرون عامًا من التألق تكتب حقبة جديدة من التبادلات الثقافية الصينية المصرية يانغ رونغهاو مدير المركز الثقافي الصيني بالقاهرة

بقلم: يانغ رونغ هاو
______________

قدمت القاهرة كمثال للمدينة متعددة الثقافات العالمية عجائب حضارية لا حصر لها وذخائر فنية لشعوب العالم. خلال تجربة العمل في مصر مرتين، غمرني الإعجاب بتاريخ مصر الطويل والمبهر، والمناظر الطبيعية الساحرة وكرم ضيافة أهلها الودودين. بممارسة العمل الدبلوماسي في المجال الثقافي، أفخر للغاية بتعزيز الإستفادة المتبادلة بين الحضارتين الصينية والمصرية، ودعم التبادلات الثقافية والتعاون بين البلدين. الصين ومصر لهما أقدم حضارات على مستوى العالم. وقد دشن كل منهما ثقافة وطنية فريدة. منذ آلاف السنين، سجل العالم التغيرات في الصين ومصر، من “طريق الحرير” إلى “الحزام و الطريق “، نسير جنبًا إلى جنب دوما. فالعلاقات الثقافية وثيقة، والصداقة قوية وتزداد مع كل وقت.
في مارس 1956، وقبل إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، ترأس برهان الدين شهيدي أول وفد ثقافي فني صيني يزور مصر، ووقع البلدان اتفاقية التعاون الثقافي بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية مصر العربية، ثم بدأت حقبة جديدة من التبادل والتعاون الثقافي بين الصين ومصر. في 30 مايو، أصدرت الصين ومصر بيانًا مشتركًا حول إقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية مصر العربية، مما جعل مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة. في أبريل 1979، زار وفد ثقافي مصري الصين ووقع البلدان على خطة تنفيذية لاتفاقية التعاون الثقافي بين الصين ومصر، وأنشأوا آلية توقيع مرحلية لم تنقطع على مر السنين. قدم التطور المؤسسي للتبادلات الثقافية بين الصين ومصر دفعة قوية لتعزيز التبادل والتعاون بين الحكومتين والشعبين.
في 29 أكتوبر 2002، افتتحت حكومة الصين رسمياً أول مركز ثقافي واسع النطاق خارج البلاد… إنه المركز الثقافي الصيني بالقاهرة. على مدار العشرين عامًا الماضية، التزم المركز الثقافي الصيني بالقاهرة دوما بمبدأ “التميز.. الانتشار..الصداقة ..التعاون”، مع السعى لتعزيز تأثير العلامات الثقافية الخاصة بنا، وتوطيد العلاقات الثقافية بين الصين ومصر. بفضل الجهود الدؤوبة لفِرق العمل السابقة والاستكشاف والتطوير المستمر، مما جعل المركز منصة مهمة للتبادلات الثقافية والشعبية بين الصين ومصر، ومساهم في تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين. لقد ترسخت جذورًا عميقة في مصر وتوطدت صداقات قوية مع إدارات الحكومة المصرية والمؤسسات الثقافية وكافة شرائح المجتمع.
على مدار العشرين عامًا الماضية، نظم المركز الثقافي الصيني بالقاهرة أكثر من 100 نشاط وفعالية ثقافية سنويًا، وشجع الوفود الصينية والفرق الفنية المتميزة على زيارة مصر، كما دعا الوفود المحلية والفرق الفنية لزيارة الصين، مما عزز دعم القطاع الشعبي في مصر للتبادلات بين البلدين. في عام 2016، احتفل البلدان بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر بإقامة “العام الثقافي الصيني المصري”. حضر الرئيس شي جينبينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي معًا حفل افتتاح العام الثقافي، وتبادلا رسائل التهنئة في الحفل الختامي. في نفس العام، أقام الجانبان أكثر من 100 نشاط وفعالية ثنائية في 25 مقاطعة ومدينة بالبلدين، غطت مجالات الثقافة والفنون والنشر والإذاعة والتلفزيون والسينما والحوار الإيديولوجي وتعليم الشباب وغيرها. عزز المركز الثقافي الصيني بالقاهرة على مدار السنين التبادل والتعاون الثقافي والفني الثنائي، حيث قدم حوالي 100 عرض سنوي؛ دورات تدريبية وتعليمية؛ معارض؛ أفلام؛ ومسابقات وغيرها. بالإضافة إلى إقامة احتفالات “عيد الربيع الصيني” ، “معا على بعد آلاف الأميال” ، مسابقة “مصر تتغنى” للأغنية الصينية، “أسبوع الثقافة والسياحة الصيني”، مسابقة “كأس حورس” للساندا وشو بين الصين ومصر، “لغة طريق الحرير الجديدة”.. سلسلة من العلامات الثقافية المميزة ذات الانتشار الواسع والتأثير بعيد المدى، بالإضافة إلى إقامة ندوات “الصين في عيون مصر”، مسابقة المقال “قصتي مع الصين” ومسابقة الترجمة الأدبية لشباب المترجمين، كل ذلك لاقى استحسان وقبول وسائل الإعلام وجميع أوساط المجتمع فى البلدين. ومن ثم تعمقت العلاقات الثقافية بين البلدين بشكل أكبر، ودخل التبادل والتعاون الثقافي والسياحي مرحلة التطور السريع.
في ظل تطوير سياسات السياحة الصينية العربية والأفريقية، تطورت صناعة السياحة في البلدان الواقعة على طول “الحزام والطريق”. في السنوات الأخيرة، ازداد عدد السياح الصينيين إلى مصر. في عام 2018، أصبحت مصر بالنسبة للمواطنين الصينيين واحدة من الوجهات الخمس الأكثر شعبية للسفر إلى إفريقيا، حيث زار مصر ما يقرب من 500000 سائح. نظم الجانب الصيني دعوة مسؤولي السياحة المصريين للذهاب إلى الصين للتدريب، ودعى خمسة من كبار وكلات السفر في مصر للسفر إلى الصين للمشاركة في معرض الصين الدولي للسياحة، كما تم الترويج لإطلاق النسخة الصينية من الأداء الصوتي في الصوت والضوء للمواقع الآثرية المصرية وإقامة عروض خاصة للصينيين، تقديم الدعم في إعداد تعريف ودليل باللغة الصينية في المتحف المصري. بالإضافة إلى فعاليات الترويج السياحي للصين، من خلال الدعاية والترويج عبر الإنترنت وغيره. أقيمت في عام 2019 أنشطة الترويج السياحي في بكين وهونان وخنان وغيرها من الأماكن لاقت اهتمامًا واسع النطاق من الشعب المصري.
منذ تفشي وباء كورونا، دعمت الحكومتان بعضهما البعض، ووقف الشعبان معًا في السراء والضراء، وساعد كل منهما الآخر. في مساء 1 مارس 2020، بتكليف شخصي من الرئيس السيسي، زارت الصين وزيرة الصحة والسكان المصرية د. هالة زايد كمبعوث للرئيس، وتزامن ذلك مع إضاءة قلعة صلاح الدين بالقاهرة؛ معبد الكرنك بالأقصر؛ ومعبد فيلة بأسوان بعلم الصين الأحمر ذي الخمس نجوم، وذلك بالتعاون والتنسيق بين وزارة السياحة ووزارة الآثار المصرية والمركز الثقافي الصيني بالقاهرة. إن هذه اللحظات التاريخية الفارقة تؤكد حقاً عمق الصداقة بين الصين ومصر وتقاسم شعبيها السراء والضراء. في مساء 24 يناير 2022، أقام المركز الثقافي الصيني بالقاهرة فعالية “إنارة برج القاهرة ” للاحتفال بالعد التنازلي 10 أيام قبل إطلاق أولمبياد بكين الشتوية. عرض على برج القاهرة أحد أبرز المعالم في مصر عبارات “أولمبياد بكين الشتوية”؛ “بكين 2022″؛ “أراك في بكين بعد 10 أيام” وغيرها من الشعارات باللغات الصينية والإنجليزية والعربية. مما شكل مشهدًا جميلًا تحت سماء القاهرة ليلاً، وعبرت عن الدعم الراسخ والأمنيات الطيبة من الحكومة والشعب المصري لدورة بكين الأولمبية الشتوية.
في الوقت الحالي، ومع تكرر هجمات COVID 19 عالميا، والذي لا يزال يؤثر على تعامل الأفراد بين الصين ومصر، إلا أن هذا يحسن بناء منظومة تواصل المركز الثقافي الصيني في القاهرة “عبر الإنترنت + بدون الإنترنت”، ذلك استنادًا على الأساس المتين للأنشطة غير المتصلة بالإنترنت على مر السنين، قام المركز بتوسيع قنوات الوسائط الجديدة وإنشاء منصات تواصل إعلامي متعددة. بالتعاون مع المؤسسات الثقافية والفنية داخل وخارج البلاد، تم إطلاق مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية “التفاعلية” عبر الإنترنت ذات المحتوى الثري، بحيث يمكن للمواطنين التعرف على الثقافة الصينية في أي وقت وفي أي مكان، بل والمشاركة في التفاعل عبر الإنترنت. استقطبت المنصة الإعلامية الجديدة للمركز الثقافي الصيني في القاهرة أثناء تفشي الوباء أكثر من 230ألف معجب محلي حتى الآن، مما أدى إلى تعزيز التبادلات الودية والتعاون العملي بين البلدين في مجالات الثقافة والسياحة، مما سيرسي أساسًا متينًا لبناء آلية تواصل مشتركة عبر الإنترنت وبدونه بعد إنتهاء الوباء، ويساعد الشعب المصري على فهم شامل للصين الحقيقية من كل الزوايا.
تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، أرست الإنجازات الرئيسية التي تحققت في بناء الثقافة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية أساسا متينا لتعزيز التنمية الثقافية في العصر الجديد. اليوم، تتطور البرامج والصناعات الثقافية في الصين، وتزدهر الإبداعات الأدبية والفنية، وينطلق العنان باستمرار للابتكار الثقافي والإبداعي في المجتمع بأسره، وتزداد التبادلات الثقافية والتعاونية مع الدول الأخرى، وينمو معها قوة تأثير الثقافة الصينية. في أغسطس 2022، أصدر المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والمكتب العام لمجلس الدولة “الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الثقافية”، التي تؤكد على تدعيم التبادلات الثقافية مع الدول الأخرى على المستوى الحكومي والشعبي، وتوسيع نطاق التجارة الثقافية الدولية، وتعزيز التبادلات والاستفادة المتبادلة بين الحضارات الصينية والأجنبية. وفى الوقت نفسه بناء منصة حوار حضارية منفتحة وشاملة لمختلف البلدان والمناطق قادرة على تقبل الآخر، وتعزيز الاستفادة المتبادلة بين الحضارات، للتطور والتقدم معا.
عُقد بنجاح المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، ودخلت الصين مرحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة وشاملة، والسير نحو هدف المئوية الثانية. في ظل العصر الجديد، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين ومصر بشكل مستمر، وأصبح التعاون الاقتصادي والتجاري أكثر واقعية، والتعاون في مجال الثقافة والسياحة أثمر وبشّر بآفاق واعدة. باتخاذ المحافظة على الوضع التعاوني المتميز القائم كأساس مهم، سيتجه البلدان نحو تنمية التبادلات بين الثقافات التي تتسم بالتنسيق الحكومي والمشاركة المجتمعية وتشغيل السوق. بالتطلع إلى المستقبل، فإن التعاون الثقافي والعملي بين الصين ومصر من شأنه أن يزيد من تعزيز التفاهم والصداقة بين الشعبين، ويدفع تنمية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى أعلى المستويات.
لطالما كان شعبي الصين ومصر من البداية محور التبادل الثقافي والاستفادة المتبادلة بين الحضارات. عشرون عامًا من الازدهار والتألق، سيستمر المركز الثقافي الصيني بالقاهرة نافذة لشعب مصر والدول والمناطق المجاورة، للتعرف على الصين وفهمها، سنواصل التمسك بالمبدأ الخدمي ” التمركز المحلي ويخدم المحلي ” ، مع تدشين منصات شاملة للأنشطة الثقافية، والتدريبات التعليمية، وتبادل الأفكار والخدمات المعلوماتية، والالتزام بتعزيز التبادل والتعاون الثقافي الثنائي والمتعدد الأطراف، ومواصلة دعم تنوع الحضارات الإنسانية وتعدد مسارات التنمية التاريخية للمجتمع البشري، وتعزيز التفاهم المتبادل بين الصين ومصر باستمرار، وتوطيد وتنمية الصداقة بين الصين ومصر، وكتابة حقبة جديدة من التبادلات الثقافية بين البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى