رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإستهلاك من منظور الإسلام

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن الإستهلاك من منظور الإسلام
بقلم \ الكاتب والمفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
نائب رئيس جامعة بيرشام الدولية بإسبانيا والرئيس التنفيذي، والمدير التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة
تبرز أهمية الاستهلاك في الإسلام في النقاط التالية:
1- الاستهلاك تعود فطري:
ينظر الإسلام للاستهلاك على أنه أمرٌ فطري للإنسان، ومن ثَمَّ، فهو ضروري له، وكل ما كان كذلك، فلا يمنع منه الإسلام، بل يقف منه موقف الحثِّ والترغيب، ذلك لأن بقاء الإنسان واستمرارية نوعه؛ ليعمر الأرض ويكون خليفة فيها، ويعبد الله – تعالى – لا يأتي إلا بالاستهلاك.
2- الاستهلاك عبادة وطاعة:
يعتبر الاستهلاك في الإسلام نوعًا من أنواع العبادات إذا قصد الفرد بالاستهلاك وجه الله – سبحانه وتعالى – والتقوي على العبادة والطاعة، ويقصد المستهلك باستهلاكه وجه الله – عز وجل – إذا تحرَّى الكسب الحلال، واستهلك الطيبات من الرزق، وهدف باستهلاكه التقوِّي على عبادة الله، والتقوِّي على العمل المثمر لصالحه وصالح مجتمعه المسلم.
يُضاف إلى ذلك أن عملية الاستهلاك نفسها طاعة من الطاعات، إذا كانت تعبِّر عن الانصياع للأمر الله – تعالى – بالأكل والشرب، والتمتُّع بهذه الحياة، يقول الله – سبحانه – مخاطبًا آدم – عليه السلام – وزوجه حوَّاء: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} الآية، [البقرة: 35].
وأوضح شمولية قوله – تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168].
ويعتبر الأكل، وهو نوع من الاستهلاك المقترن بالشكر شرطًا لتحقيق العبادة، انطلاقًا من قوله – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} الآية، [البقرة: 172].
لذلك فالاستهلاك والاستفادة والانتفاع بما خلق الله أمرٌ طيب في الإسلام، طالما أنه لا يقوم على إدخال الضرر بالنفس أو الإضرار بالآخرين.
3- الاستهلاك في الإسلام ثوابه في الدنيا والآخرة:
يحث الإسلام الإنسان على تناول الطيبات من الرزق؛ بهدف تحقيق الغاية من خلقه ووجوده، ويثاب على هذا الاستهلاك، إضافة إلى ما يتحقق من متعة ولذة، فاجتمعت للمستهلك منفعتان، ويترتب على ذلك أن الإهمال في الاستهلاك أمرٌ مذموم في الإسلام، وإذا قصَّر الفرد مع توافر المقدرة، فهو ملوم؛ يقول – جل شأنه -: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} الآية؛ [الإسراء: 29].
يقول الإمام محمد بن الحسن الشيباني – رحمه الله – في كتابه (الاكتساب من الرزق المستطاب): والإشباع على أربعة أوجه: ففي مقدار ما يسد به رمقه، ويتقوَّى على الطاعة، هو مثاب غير معاقب، وفيما زاد على ذلك إلى حد الشبع، فهو مباح له، محاسب على ذلك حسابًا يسيرًا، وفي قضاء الشهوات ونيل اللذات من الحلال هو مرخص له على ذلك، مطالب بشكر النعمة، وحق الجائعين، وفيما زاد على الشبع فإن الأكل فوق الشبع حرام.
4- الاستهلاك في الإسلام وسيلة لا غاية:
الاستهلاك عند الإنسان المسلم وسيلة وليس هدفًا نهائيًّا؛ إذ المسلم يستهلك ليعيش، وهو يعيش ليعمر الأرض، ويعبد الله ويسعى في نيل ثوابه – سبحانه وتعالى.
يقول الإمام ابن قَيِّم الجوزية – رحمه الله – في كتابه (مفتاح دار السعادة): وأما المطاعم والمشارب والمناكح، فهي داخلة فيما يقيم الأبدان، ويحفظها من الفساد والهلاك، وفيما يعود ببقاء النوع الإنساني؛ ليتم بذلك قوام الأجساد وحفظ النوع، فيتحمل الأمانة، ويتمكن من شكر المولى – سبحانه – وعليه، فإن الاستهلاك في الإسلام أمرٌ فطري ديني؛ لما يتوقف عليه من مطلوبات دينية.